Overblog
Editer l'article Suivre ce blog Administration + Créer mon blog

Profil

  • Tunisie mon pays!
  •  Vive la Tunisie Libre
  • Vive la Tunisie Libre

Recherche

Archives

7 mai 2008 3 07 /05 /mai /2008 21:55
400 ألف متقاعد في تـونس: حتى لا يخرج آلاف الخبراء.. من دورة العطاء!
 
 
 
 
تونس ـ «الشروق»:أسماء سحبون
 
مسؤول هام سابق في القطاع السياحي تململ في مكانه وهو يستعدّ لإلقاء كلمة في أحد الملتقيات الجهوية، لوّح بابتسامة وهو يدقق النظر في ورقته متمتما بسخرية «قبل التقاعد يكون العلم في الراس وليس في الكراس وبعده يصبح العكس».
قال ذلك بصوت من استعاد شيئا من شبابه فتفاعل معه الحاضرون وأطلقوا ضحكات منهوكة بثقل سنوات الشيخوخة.
هم وزير سابق وقيادات سابقة في القرار السياحي... يحاولون خلال هذه المرحلة، مرحلة التقاعد، تقديم خبرتهم المطولة في شكل مقترحات واستشارات.
مثلهم يفعل آخرون، متقاعدون من اختصاصات مختلفة يحاولون استثمارما تبقى من سنوات الذاكرة في تقديم النصيحة والإرشاد.
يبلغ عددهم حوالي 391.189 متقاعد خلال العام الماضي. البعض منهم لجأ الى العمل الجمعياتي مقتنعا بأن ذلك هو الطريقة الوحيدة لإبعاد الخراب عن الذاكرة..
أما الآخرون فقد اختاروا التفرّغ لعزلة قد تطول سنوات.
فكيف يستغل المتقاعد في تونس وقته؟ وهل نحكم على هذه الخبرات والكفاءات بالتقاعد من دورة الحياة؟ هل استعدت البلاد لاستقبال أعداد متزايدة منهم؟ هل وفرنا لهم الفضاءات لمساعدتهم على تمضية أوقات ممتعة ومثمرة ولنستفيد منهم؟
كم يلزمه... من كتاب وهواية كي يملأ فراغ يومه؟ هو من سيغادر مكتبه مقفلا خلفه أجندته وباب التزاماته المهنية متجها نحو سنوات من التقاعد.. قد تتجاوز العشرين عاما خاصة أن أمل الحياة عند الولادة في تونس يتوقّع ان يبلغ ثمانين عاما سنة 2024 .
فراغ تلك السنين حاولت وزارة الاشراف (وزارة شؤون المرأة والأسرة والطفولة والمسنين) ان تملأه بأجندا اجتماعية خاصة بالمتقاعدين.
ويحاول المتقاعدون من جهتهم سدّ سنوات الفراغ بالنشاط الجمعياتي... حتى لا تتحنّط في داخلهم الحياة.
 
* عزلة
«قد يصعب الأمر في البداية إذ ليس من السهل تغيير العادات اليومية بشكل مفاجئ».
ويضيف: «العم» بشير، متقاعد من الوظيفة العمومية منذ أربع سنوات، «كنت استيقظ في ساعة مبكرة  فأشرب قهوتي على عجلة وأتجه نحو مكتبي حيث أغرق في ملفاتي واجتماعاتي لساعات وحيث افتح مفكرتي عشرات المرّات في اليوم لأجري اتصالات مع بقية الإدارات والمكاتب.. عادات يومية مكتظة بالنشاط تضطرّ الى مغادرتها بعد التقاعد»..
كان لايزال يدور ويضرب بمطارق في ذاكرته حين حرقت سيجارته طرف سبابته.. ثم انتابته ساعة نسيان مباغتة فابتسم ليتحدث عن يومه الجديد كيف يبدأ بجلسة عائلية حول فطور الصباح يقوم خلالها بإطعام حفيده بنفسه... وينتهي بسهرة عائلية يتابع خلالها فيلما سينمائيا او شريطا وثائقيا مع زوجته المتقاعدة بدورها من سلك التعليم.
يرفض العم بشير مغادرة عاداته الجديدة والمشاركة في الحياة العامة والعمل الجمعياتي مبررا ذلك بأن العمل «سرق» حياته خلال السنوات الماضية لذلك يفضّل اليوم استكمال سنوات شيخوخته في حميمية الأسرة.
قناعة ربما كانت سببا لاختيار الكثيرين ملْء فراغ العمل... بالاسرة.
اما الآخرون، من اختاروا مواصلة الخروج الى الحياة العامة فقد انخرطوا في جمعيات ميدانية سواء مختصة في ميدانهم او جمعيات ناشطة في ميادين أخرى ـ من ذلك نذكر جمعية قدماء الخطوط الجوية وجمعية قدماء السياحة ـ او استقطبتهم الأجندا الاجتماعية التي وضعتها الوزارة..

 
* أجندا

 تشمل أجندا الوزارة بعث فضاءات تنشيط مخصصة للمسنين والمتقاعدين كما تشمل وضع سجل وطني للكفاءات والغاية منه استغلال كفاءة المتقاعدين من مختلف الاختصاصات.
بلغ عدد منخرطي السجل الى حدّ الآن 1500 متقاعد من مختلف الولايات ومن مختلف الاختصاصات وفقا لرجاء بن ابراهيم، كاهية مدير رعاية المسنين صلب الوزارة.
ومن بين المقترحات المقدمة من قبل هؤلاء المنخرطين مساندة الباعثين الجدد من خلال تقديم النصيحة والارشاد كل حسب اختصاصه.
تقول السيدة رجاء «الى حدّ الآن ضمّ السجل أسماء لمتقاعدين من الأمن الوطني والبيئة والصحة والتعليم وغيرها من الاختصاصات... ومنذ إحداثه في اكتوبر 2003 ضمّ السجل 1500 منخرط (حاليا).
«فقرة» التنشيط في أجندا الوزارة ضمت بعث 13 ناد نهاري تقدّم فيه أنشطة وأعمال تطوعية للمتقاعدين ومن المنتظر ان تتم اضافة 6 نوادي جديدة بنهاية هذا العام.
تدوين الخرافات الشعبية واحدة من الأنشطة غير العادية التي يحتضنها النادي النهاري ببن قردان.. «فتدوين تلك الخرافات يعني تمرير الذاكرة الشعبية نحو الأجيال وإسداء النصيحة في شكل خرافة» على حدّ قول العم عمر طليق، راوي، متحدثا إلينا بصوته البعيد.
وقد تم تدوين حوالي 15 حكاية شعبية مثّلت محتوى المكتبة السمعية البصرية للنادي كما بيّنت ذلك علياء الجويلي المشرفة على النادي.
 
* ذاكرة
ذاكرة أخرى يتم تدوينها في بقيّة النوادي منها تدوين ذاكرة غرزة الشبكة في النادي النهاري بالحفصية اين تشرف معلمة، الخياطة المتقاعدة السيدة منانة دويك على تعليم فتيات حياكة الشبكة. كما ساهمت رابطة الأجيال في تنظيم الأرشيف البلدي بصفاقس... تختلف الأنشطة من ناد لآخر ولعل اهمها نشاط خليّة التوفيق العائلي والأسرة في الفضاء النموذجي للأسرة بالعمران الأعلى.
هناك حيث تطوّع ديبلوماسي سابق والرئيس المدير العام السابق للستاغ لإسداء النصيحة للأسرة في اطار عملهما التطوعي في مرحلة ما بعد التقاعد... تشمل تلك النصيحة تقديم استشارات قانونية ومساعدة على تسوية وضعيات وعلى التوفيق بين الأزواج وبين الوالدين والأبناء...
وقد لاقت هذه المبادرة اقبالا نسبيا... إذ «مازالت الأسر التونسية تعالج مشاكلها عائليا أو بتدخّل القضاء دون اللجوء الى مستشارين مثل خلية التوفيق العائلي»!! على حدّ قول أحمد بن طاهر، الفضاءالنموذجي للأسرة بالعمران الأعلى. كما أشار محدثنا الى أن النيّة تتجه صلب المركز إلى تكوين جمعية تخص المتقاعدين.
بدورها تشير رجاء بن ابراهيم إلى عودة عدد من المتقاعدين من مربي الطفولة إلى مؤسساتهم كمؤطرين للأساتذة والمربين الجدد وإلى تجاوب المتقاعدين مع أجندا الوزارة من خلال اقبالهم على التسجيل في السجل الوطني للكفاءات أو في النوادي النهاريّة وتطوعهم في المراكز النموذجية للأسرة مثل مركز العمران الأعلى.

 
* آفاق
بوادر استغلال كفاءة المتقاعدين بدأت تظـهر مع أول طلب رسمي من قبل برنامج تعليم الكبار للاستعانة بالكفاءات المتقاعدة من ميدان التعليم لتقديم التوجيه والارشاد. وهو أول طلب خارجي يصل إلى الوزارة بعد انطلاق تعاونها الداخلي مع المتقاعدين.
وقد أوضحت السيدة بن ابراهيم أنه من المنتظر إعداد مشروع كراس شروط لاحداث وتسيير نوادي نهارية لكبار السن (في القطاع الخاص) كماأن الوزارة تعمل على اعداد برنامج «لتحضير» المقبلين على التقاعد لمرحلة التقاعد وذلك بابراز الجوانب التشريعيّة والامتيازات التي يتمتع بها المتقاعد المسن وتفسير مختلف أنظمة الضمان الاجتماعي و «حيرة» الكنام خاصة في القطاع الخاص.
كما تشمل ابراز الجوانب الصحية من خلال تفسير أمراض الشيخوخة وأهمية الأنشطة الفكرية والرياضية لتنشيط الذاكرة علما وأن العديد من المتقاعدين أصيبوا بالاكتئاب بعد مغادرتهم لمهامهم العملية وهناك من توفي منهم اختناقا من الفراغ والعزلة.

 
(المصدر: جريدة الشروق (يومية - تونس) الصادرة يوم 6 مايو 2008)
Partager cet article
Repost0

commentaires