Overblog
Editer l'article Suivre ce blog Administration + Créer mon blog

Profil

  • Tunisie mon pays!
  •  Vive la Tunisie Libre
  • Vive la Tunisie Libre

Recherche

Archives

12 juillet 2008 6 12 /07 /juillet /2008 13:18

الاتحاد من أجل المتوسط: بين آمال فرنسا وواقع الدول العربية

 
 
 
بسام بونني

تحتضن فرنسا في 13 يوليو/تموز الجاري القمة التأسيسية للاتحاد من أجل المتوسط. ولم يتوقع صاحب المشروع الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي، أن يلجأ إلى دعوة نحو 40 رئيس دولة وحكومة. فالمشروع كان يتمثل في تأسيس اتحاد يقتصر على دول الفضاء المتوسطي. وقد دعا ساركوزي، إلى جانب دول الإتحاد الأوروبي التي يبلغ عددها 27، كلا من المغرب وتونس والجزائر ومصر وليبيا وسوريا ولبنان وفلسطين والأردن وتركيا وموريتانيا وجامعة الدول العربية.
واجه الرئيس نيكولا ساركوزي عراقيل جمة قبل أن يضع الصيغة النهائية لمشروعه هذا. فألمانيا لم تقبل أن ينحصر أعضاء الاتحاد الوليد في الدول المطلة على البحر الأبيض المتوسط، خشية أن يضرب هذا المشروع وحدة الاتحاد الأوروبي وهويته. وإلى الموقف الألماني، انضمت الدول الوافدة حديثا للاتحاد الأوروبي والتي تخاف تحويل تمويلات ضخمة إلى جنوب المتوسط، في إطار العمل الأورومتوسطي المشترك الذي ستفرضه المرحلة القادمة.
وقد اتخذت الدول العربية من جانبها مواقف مختلفة تعكس حدة التوترات الإقليمية بينها. وفي نهاية الأمر يبدو أن غالبية الدول العربية ستحضر القمة باستثناء الزعيم الليبي معمر القذافي والعاهل الأردني الملك عبد الله (الذي سيكون في الولايات المتحدة آنذاك). ويمكن القول أن الدول العربية تنقسم إلى معسكرين، معسكر مشجع للقمة تقوده المغرب وتونس، هذه المجموعة متفائلة تتطلع إلى المنافع الاقتصادية والسياسية التي من شأنها أن تنجم عن مثل هذا الاتحاد. كما تؤيد دمشق القمة حيث تعتبرها مخرجا لعزلتها الدولية.
أما المعسكر الثاني الذي تنضم إليه ليبيا والجزائر ينظر لهذه المبادرة بعين تملؤها الشكوك، وقد عبر البلدان، وهما أغنى دول جنوب المتوسط بالموارد الطبيعية عن مخاوف من ضمنها أن تتحول ضفة جنوب المتوسط إلى بديل عن أوروبا يتدفق إليها آلاف الوافدين من إفريقيا جنوب الصحراء بطريقة غير قانونية. كما كان للجزائر تحفظ أخر يتعلق بمشاركة إسرائيل، هذه المشاركة التي ساهمت في تعقيد مواقف دول عربية أخرى تجاه القمة، ولكن يبدو أن ساركوزي تمكن من إقناع نظيره الجزائري بالمشاركة.
وعلى لسان زعيمها معمر القذافي، اعتبرت ليبيا مشروع الرئيس الفرنسي بمثابة "إهانة" إذ يضرب، حسب طرابلس، وحدة جامعة الدول العربية والاتحاد الإفريقي. ولم تتخذ فرنسا نفس المنحى الذي سلكته في تعاملها مع الجزائر، حيث أعلنت جهات فرنسية أنها لن تحاول إقناع القذافي بتغيير موقفه. وليس واضحا إذا ما كان وزير الخارجية الليبي عبد الرحمن شلقم سوف يحضر القمة.
أما المغرب وتونس ومصر فقد أبدت تأييدها للمشروع دون إخفاء صراع الكراسي الكلاسيكي بينها. فعلى سبيل المثال، لم تقبل القاهرة دعوة الرئيس ساركوزي للمشاركة في القمة التأسيسية للاتحاد إلا بعد أن انتزعت منه التزاما بمنحها منصب الرئاسة – الذي تتقاسمه دولة من الشمال وأخرى من الجنوب. ورغم هذا الضمان فقد أعلنت مصر غياب رئيسها حسنى مبارك عن القمة وذلك تفاديا للقاء نظيره السوري. ولكن أخيرا يبدو أن الرئيس المصري سيكون من بين الحاضرين.
وقد فاجأ الرئيس الفرنسي الجميع بتوجيهه الدعوة للرئيس السوري بشار الأسد لحضور الجلسة التأسيسية للاتحاد، بعد أن كان البلدان في عداء معلن على خلفية الملف اللبناني. وجاءت الدعوة بمثابة طوق نجاة لدمشق التي تسعى للخروج من عزلتها الإقليمية والدولية. وقد أثارت الدعوة الفرنسية سخط قوى الرابع عشر من آذار المعارضة لسوريا والأطراف التي تدعمها داخل لبنان، فعودة الدفء في العلاقات بين باريس ودمشق قد يهمش الدور الذي تلعبه سوريا في لبنان لصالح طرف على آخر. وأعلنت مصادر فرنسية أن الرئيس الفرنسي سيعقد محادثات مع كل من مبارك والرئيس اللبناني ميشيل سليمان وبشار الأسد عشية القمة. كما يتداول أن رئيس الوزراء الإسرائيلي إيهود أولمرت سوف يلتقي رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس في العاصمة الفرنسية.
وقد تكون فرنسا قد نجحت دبلوماسيا فعلا في جلب أغلبية القادة العرب المدعويين للمشاركة في القمة، لكن تبقى تساؤلات عن الصلاحيات المستقبلية لمشروع الاتحاد من أجل المتوسط. كما أن هناك تخوفا من إمكانية اقتصار الاتحاد من أجل المتوسط على اتفاقيات اقتصادية وأمنية وثقافية وكونه مجرد عملية علاقات عامة لنيكولا ساركوزي. فقد لوحظ أن جدول العمل يشمل خطط لتحسين مرافق الموانئ وطرق البحرية والأعمال البيئية بالإضافة إلى تأسيس طرق رابطة بين دول شمال إفريقيا. وبما أن جميع الأطر القانونية للتعاون على كل الأصعدة بين الاتحاد الأوروبي والدول المتوسطية حسمت منذ أكثر من عشر سنوات يضل هناك سؤالا مفصليا: هل من حاجة للاتحاد من أجل المتوسط؟

بسام بونني صحفي تونسي مقيم بالدوحة
Partager cet article
Repost0

commentaires