Overblog
Editer l'article Suivre ce blog Administration + Créer mon blog

Profil

  • Tunisie mon pays!
  •  Vive la Tunisie Libre
  • Vive la Tunisie Libre

Recherche

Archives

31 décembre 2008 3 31 /12 /décembre /2008 12:37
 
 منصف المرزوقي


الأطفال الثمانية الذين ماتوا في قصف غزة هذا الصباح...مئات لشهداء والجرحى للثلاثة أيام الأخيرة...المساجد التي دمرت...كل هذا لم يحصل بفعل من تظنون أو قل أنكم تتوهمون عندما تصرون على أن المجرمين هم الصهاينة.
 كل من مارسوا القانون يعلمون أن الجاني الأكبر أمام المحاكم في جريمة اغتيال ليس من يطلق النار وإنما من حرض على الجريمة...من سكت عنها...من مهّد لها......من جعلها ممكنة.
وهذا المجرم الحقيقي في قضية الحال ليس إلا النظام السياسي العربي الفاسد.
لا تنسوا أبدا وعلموا أطفالكم في كتب التاريخ أن ممثل له، يرفض فكري تذكّر اسمه و لساني النطق به، لكنه يسمي نفسه وزير خارجية مصر- وقف ليقول أن الجيش المصري الباسل سيقطع رجل أي غزّاوي يتجاسر على حدود مصر المقدسة.
كون من خولت له نفسه الشريرة اقتحام الحدود المقدسة المشار إليها أعلاه فلسطيني،عربي، مسلم بل ويموت من الجوع و ويستجير بأمه مصر لم يعني شيئا لهذا الرجل البائس.
 ومن أين أن تعني له مأساة حصار الشعب الفلسطيني شيئا وهو ممثل نظام يحاصر الشعب المصري نفسه

كل من يتصور حلا لمشاكلنا ومنها الحالية، بمثل هذا النظام مثل من يتصور إمكانية الكتابة بالسكين والأكل بالقلم.... خطأ في الأداة....أو كمن يتصور معالجة المخمور بمزيد من الخمر...خطر في الأداة...أو كمن يدعو لغسل الميت بالبول...دنس في الأداة.
 نعم النظام السياسي العربي ملكيا أو جملكيا- بما هو استفراد شخص بالسلطة وإطلاق يدي عائلته في المال العمومي ومصادرة مؤسسات الدولة من جيش وبوليس وقضاء للتأبيد والتوريث، والاستعانة بالخارج على شعبه مقابل خيانة كل مصالح هذا الشعب،-أداة لافعالة خطرة ومدنسة.
 لم يعد خافيا على عربي اليوم أن هذا النظام هو الذي يحاصر أهلنا في غزة.
أنه هو الذي يحاصرنا في بيوتنا ويشردنا من أوطاننا ويملأ سجونه بنخبنا ويحكمنا بقوانين الطوارئ والإرهاب.
أنه هو الذي يظهر اعتداله في كل القضايا ما عدا الاعتدال في القمع وفي سرقة ثرواتنا وتبذيرها على طاولات القمار في ماربيلا وموناكو ولاس فيجاس وفي ليالي عاهرة بمليون دولار.
أنه هو الذي يجعل من أوطاننا مزارع ومن شعوبنا قطعان للرعي بل وسمى أقدس أراضينا باسم عائلة من عائلاته.

أنه هو الذي يمنع أن تقوم لنا وحدة سياسية أسوة بالأمم الكبرى الأخرى، فنحفظ كل حقوقنا في عالم لا مكان فيه لمن ليست لهم عزة ومناعة التجمعات الكبرى.
أنه هو الذي جعل من جيوشنا جيوش احتلال داخلي
 أنه هو الذي يجعل مهمة شرطتنا حماية الجريمة المنظمة من المجتمع لا حماية المجتمع من الجريمة المنظمة
أنه هو الذي يجعل من قضائنا جهاز تشريع الظلم أي أساس خراب العمران.
أنه هو الذي خصخص الدولة وجعل الوطنية ولاء لشخص ولعائلة
أنه هو الذي يضرب كل فعالية مؤسسات إنتاج المادة والمعرفة والقوانين والقيم لأنه يحكم بالرجل غير المناسب في المكان غير المناسب والشعار الولاء قبل الكفاءة.
أنه هو الذي يكبّل طاقاتنا فجعلنا لا ننتج إلا القبح والبذاءة والرداءة.
أنه هو الذي يتعامل مع القوى الخارجية لا كوكيل لنا لكن كوكيل لها.

أنه هو الذي استهل حمانا وأطمع فينا صغار الأعداء وكبارهم لأنهم يعرفون أن سلاحه موجه لصدورنا لا لمن يقصفون المساجد ويقتلون الأطفال.
أنه هو الذي يجنّد كل قواه اليوم حتى لا نخرج للشوارع نلطم وجوهنا من فرط الشعور بالخزي العار أمام ما يحدث في غزة وفي غير غزّة.
لهذا آن الأوان من الأمة وممثليها في كل المنابر للإعلان أنه هو العدو الأول وكل عدوّ آخر أمامه لاشيء.أما من يدعون أنه يمكن إصلاح هذا الرميم فهم لا يواجهون إلا بالشفقة أو بالازدراء حسب مزاج اللحظة.
 انتبهوا أن النظام ليس شخصا وأنه لن يجدينا نفعا أن نستبدل حسني بجمال، وبن علي بالقلال ومعمّر بسيف الإسلام، مثلما لم يجدينا نفعا استبدال الحسن بمحمد والحسين بعبد الله.
لنظام السياسي العربي الفاسد وليد منظومة عائلية لا تنتج إلا الخانع والمتمرّد.
النظام السياسي العربي الفاسد وليد نقل غبي لأنظمة قومية وشيوعية عاثت في شعوب كبرى منها الشعب الألماني والروسي فسادا أين منه فسادنا وتسببت في كوارث أين منها التي نعيش.
النظام السياسي العربي الفاسد وليد منظومة أفكار ورثناها من ماض يصرّ البعض على تخييله وهو ظلام مظلم أظلم (المستبدّ "العادل"- شرعية التضحية بالثلثين "الفاسدين" من أجل الثلث " الصالح"- رجل كألف وألف كأفّ )
النظام السياسي العربي هجين،أمّه عصابة الرئيس المزمن التي ولغت في المال العمومي وأبوه البوليس السياسي الذي يحميها.
هذا ما يجعل من التخلص منه قضية معقدة. فالأمر يتطلب ثورة فعلية في المفاهيم والقيم والتصورات والتنظيم..
يبقى أن أسهل حلقات السلسلة على التفكيك الدولة الاستبدادية التي تبلور وجوده وتحفظه.
المشكلة اليوم كيف يمكن تدمير ما يدمرنا...القضاء على من هو بصدد القضاء علينا.
 لنقلها صراحة. المعارضات السياسية والحقوقية فشلت في المهمة بفعل القمع والتهجير والتنافس الداخلي السابق لأوانه.
يكفيها فخرا أنها شكلت لأكثر من ثلاثة عقود مهد المقاومة وأولى طلائعها.
واليوم حان وقت لاعبين جدد أعطيناهم كل الوقت للتأهب، نحن من واجهوا البعبع البشع بلا سلاح إلا القلم والإيمان وأحلام نعلم أنها مشاريع الأمة المقهورة.
ليحرّكوا جيوشا قيل أنها استسلمت كليا للفساد.. شرطة قيل أن تورط أقلية منها في الجرائم ربط مصير أغلبيتها بمصير النظام... جامعات قيل أنها طلقت السياسة... شباب قيل انه استقال وتميّع.. مؤسسات اقتصادية قيل أنها ألقت بسلاحها أمام عجرفة العولمة...شارعا قيل أنه مات واندثر...ثقافة قيل أنها تبحث عن مستقبلها في ماضيها.

كل هذه القوى النائمة مطالبة اليوم بالإعداد للثورة العربية لتلعب في القرن الواحد والعشرين الدور الذي لعبته الثورة الفرنسية في القرن الثامن عشر والثورة الروسية والصينية في القرن العشرين..قفزة إلى الأمام في تاريخ شعوب لم يفهم حكامها في الإبان حجم التنازلات التي يحب تقديمها لشعوبهم للحفاظ على رؤوسهم فوق أعناقهم.
لينقضوا على ضباع هرمة تنزف من كل شريان.
ليقطفوا الثمرة فهي أكثر من طازجة.

ولتفويت الفرصة على المغامرين داخل نظام ملآن بالأغبياء الخطرين، لتكن ثورة مدنية. من أين لأنظمة جبانة أن تصمد أمام مظاهرات في كل مدينة وكل قرية وإضراب في كل مصنع ورفض دفع الضرائب من الجميع وجعل " انتخاباتهم" أيام الإضراب العام.
لا تنسوا أن جل العصابات التي تشكل نواة هذا النظام لا ينتظرون إلا أولى الإشارات للهرع لبلدان أسيادهم أين اخفوا سرقاتهم..

ويوم يتحقق الاستقلال الثاني في كل قطر وتبنى الدولة الديمقراطية...
ويوم تبني هذه الدول بينها اتحاد الدول الديمقراطية العربية...
ويوم تصبح لنا عقيدة أمن قومي موحدة وقوات قادرة على إعطائها المصداقية
...يومها سنصبح اسودا في عرينها ولن يتجاسر علينا ذئب أو كلب.آنذاك وسيأتوننا طلبا لا للاستسلام وإنما لسلم نمنحه بشروطنا لا بشروطهم، نمنحه لأننا أصبحنا الأقوياء... لأننا عدنا أطفال صلاح الدين.
هذا اليوم قد يكون جد قريب وقد يكون ابعد مما نأمل، لكن لجعله حقيقة في أقرب الآجال، لا تتركوا الشجرة، حتى وإن كانت تحترق، تحجب عنكم الغابة وهي على وشك الالتهاب.

د.منصف المرزوقي
 
(المصدر: موقع " ايلاف" ( بريطانيا) بتاريخ 30 ديسمبر 2008)
Partager cet article
Repost0

commentaires