Overblog
Editer l'article Suivre ce blog Administration + Créer mon blog

Profil

  • Tunisie mon pays!
  •  Vive la Tunisie Libre
  • Vive la Tunisie Libre

Recherche

Archives

1 mai 2008 4 01 /05 /mai /2008 19:59
  «عشان متنضربش على قفاك!»
 

ياسر زعاترة (*)

 
العبارة أعلاه هي عنوان كتاب مثير صدر في القاهرة، وبيعت منه عشرات الآلاف من النسخ خلال أيام قبل أن تبادر السلطات إلى مصادرته، فيما هرب مؤلفه إلى الولايات المتحدة خشية الاعتقال من قِبَل الدوائر المعنية.
لا حاجة لترجمة العبارة الواردة أعلاه، فهي معروفة رغم انتمائها إلى اللهجة المصرية، لكن الأفلام والمسلسلات كانت كفيلة بنشرها وتعميمها. أما الكتاب، فهو من تأليف عمر عفيفي، الذي عمل عشرين عاماً في دوائر أمنية مختلفة قبل إحالته إلى التقاعد برتبة مقدم.
لا صلة للكتاب بدوائر المخابرات التي تختلف عن سواها، ولم يصدر ما يتطرق إليها على هذا النحو من ضباط عاملين فيها، فيما بقيت حكاياتها أسيرة كتابات وشهادات المعتقلين السياسيين (هناك روايات كثيرة أشهرها شرق المتوسط للراحل عبدالرحمن منيف)، إضافة إلى بعض الإشارات الفنية كما في عدد من الأفلام السينمائية (الكرنك، والبريء، وإحنا بتوع الأوتوبيس)، وآخرها قصة تعذيب الشاب طه واغتصابه من قِبَل ضابط التحقيق في فيلم عمارة يعقوبيان، المأخوذة عن رواية علاء الأسواني التي تحمل الاسم ذاته.
تأتي أهمية الكتاب بالنسبة للساحة المصرية على خلفية قصص وقضايا عدَّة برزت في السنوات الأخيرة تتعلق بالتعذيب في مراكز الشرطة، لكن ذلك لا ينفي أننا إزاء كتاب مهم ينطوي على فكرة مبدعة تتعلق بتوعية المواطنين بوسائل التعاطي مع قضايا الأمن ومراكز الشرطة بمختلف أشكالها.
في الآونة الأخيرة، تكاثرت في العديد من الدول العربية عمليات انتحال شخصيات رجال الأمن لتنفيذ سرقات وعمليات ابتزاز، ما يزيد في أهمية معرفة المواطنين المسبقة بآليات التعامل مع هذه الفئة، مع العلم أن عناصرها مثلهم مثل سائر المواطنين، بشر منهم الطيبون المخلصون، ومنهم مَن دون ذلك.
بأسلوب عامي يشرح كتاب عفيفي كيفية التعاطي مع الكثير من قضايا الأمن التي يمكن أن يواجهها الإنسان العادي في أية لحظة، ويوجّهه إلى الطريقة الأفضل للتعامل معها كيلا يقع أسير الابتزاز أو الاضطهاد، أو أي سلوك خارج على القانون ويعتدي على حقوقه كمواطن وكإنسان.
المصيبة هي أن مثل هذه الثقافة لا تتوافر في أكثر الأحيان إلا عند مدمني الخروج على القانون الذين يترددون على السجون ولهم سجلاتهم في ميدان المحاكم والقضايا، لاسيَّما أن القوانين، وجميعها صاغها البشر، تنطوي على ثغرات ينفذون منها، أحيانا بخبراتهم الذاتية، وأحيانا بمساعدة محامين لا يتقون الله، وذلك للتخلص من المسؤولية عما يفعلون، وأقله تخفيض الأحكام المترتبة عليهم على نحو لا يوازي حجم ما انطوت عليه جرائمهم من عدوان على الآخرين.
في كثير من القضايا يضيع حق المواطن بسبب هذه الأبعاد المتعلقة بالمعرفة الأمنية. فبعض المحترفين، وهذا مجرد مثال، قد يعتدي عليك ثم يضرب نفسه ويذهب ليشتكي عليك مسلحاً بتقرير طبي في حال ما إذا قررت رفع شكوى عليه، ولتصبح أنت وإياه في الوضع ذاته ما يضطرك إلى سحب الشكوى.
ثمة قصص وحكايات كثيرة يعرفها أكثر الناس في عالمنا العربي تتعلق بضرورة المعرفة الأمنية والحاجة الماسة إليها، لكي يتجنب الإنسان الكثير من المشاكل التي لا يحسب لها أي حساب، ويبدو أن السجون قد تحولت إلى مدارس لتعليم الجريمة، ما يفرض الفصل بين الموقوفين والمحكومين، بصرف النظر عن واقع السجون من الزوايا الأخرى التي ينبغي أن تنسجم مع حقوق الإنسان.
ثمة الكثير من الإشكالات التي لا تحلها المعرفة الأمنية، وهي إشكالات يتعلق أكثرها بفساد الأجهزة الأمنية والقضائية، الأمر الذي يصيب الفقراء والغلابة من الناس حين يكون خصومهم من الفئات الثرية والمتنفذة.
يبقى القول: إن توعية الناس بحقوقهم المتصلة بقضايا الأمن، ليست موجهة ضد أجهزته أو القائمين عليها، بقدر ما هي إعانة لهم على تحسين الواقع الأمني الذي يحملون أمانته. أما أسوأ ما في قصة عمر عفيفي فهي فراره إلى الولايات المتحدة، مع أن هذه الأخيرة هي التي تحرس الفساد والبؤس في الكثير من دول العالم الثالث، ومن ضمنه عالمنا العربي.
 
(*) كاتب فلسطيني
 
(المصدر: صحيفة "العرب" (يومية – قطر) الصادرة يوم 30 أفريل 2008)
Partager cet article
Repost0

commentaires